واستأمر المسلمين في ذلك فمنهم من رضي ومنهم من كره، فكنت فيمن رضي، فلم يفارق الدنيا حتى رضي عنه من كان كره، وأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه يتبع آثارهما كاتباع الفصيل1 أثر أمه، وكان والله رقيقاً رحيماً بالضعفاء والمؤمنين، عوناً وناصراً للمظلومين على الظالمين، لا تأخذه في الله لومة لائم، ضرب الله بالحقّ على لسانه، وجعل الصدق من شأنه، حتى إن كنا لنظن ملكاً ينطق على لسانه، أعزّ الله بإسلامه2 الإسلام، وجعل هجرته للدين قِواماً3، ألقى الله له في قلوب المنافقين الرهبة، وفي قلوب المؤمنين المحبة، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل، فظاً غليظاً على الأعداء، وبنوح حنقاً مغتاظاً على الكفار، الضراء في طاعة الله آثر عنده من السراء في معصية الله / [125 / أ] ، من لكم بمثلهما؟ رحمة الله عليهما. ورزقنا المضي على سبيلهما، فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا اتّباع آثارهما، والحبّ لهما، فيمن أحبني فليحبهما ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا منه برئ، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشدّ العقوبة، إنه لا ينبغي أن أعاقب قبل التقدم، ألا فمن أوتيت به يقول هذا بعد اليوم فإن عليه ما على المفتري، ألا وخير هذه الأمة بعد نبيّها أبو بكر الصديق، وعمر الفاروق، ثم الله أعلم بالخير أين هو، أقول هذا ويغفر الله لي ولكم"4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015