يعصب بها جرحه، ثم صلى، فلما صلى قال:

"يا أيها الناس على ملأ منكم1؟ "، فقال له عليّ بن أبي طالب: "لا والله، لا ندري من الطاعن من خلق الله، أنفسنا تفتدي نفسك، ودماؤنا تفدي دمك"، فالتفت إلى عبد الله بن عباس، فقال: "اخرج فاسأل الناس ما بالهم وأصدقني الحديث"، فخرج ثم جاء فقال: "يا أمير المؤمنين، أبشر بالجنة، لا والله، ما رأيت عيناً2 تطرف من خلق الله من ذكر ولا أنثى إلا باكية عليك، يفدونك بالآباء، والأمهات، طعنك عبدُ المغيرة بن شعبة المجوسي، وطعن معك اثني عشر رجلاً، فهم في دمائهم حتى يقضي الله فيهم ما هو قاضٍ، فتهنأك يا أمير المؤمنين الجنة، فقال: "غرّ بهذا غير يا ابن عباس"، قال: ولِمَ لا أقول لك يا أمير المؤمنين؟ فوالله إن كان إسلامك لعزّاً وإن كانت هجرتك لفتحاً، وإن كان ولايتك لعدلاً، وقد قتلت مظلوماً".

ثم التفت إلى ابن عباس فقال: "أتشهد لي بذلك عند الله يوم القيامة؟ "، فكأنه تلكأ، قال: يقول عليّ بن أبي طالب من جانبه: "نعم، يا أمير المؤمنين، نشهد لك بذلك عند الله يوم القيامة"، ثم التفت إلى ابنه عبد الله بن عمر3 فقال: "ضع خدي على الأرض"، فلم أعج4 لها، وظننت أن ذلك اختلاس من عقله، فقالها مرة أخرى: "ضع خدي إلى الأرض لا أم لك"، فعرفت أنه مجتمع العقل، ولم يمنعه هو إلا مما به من الغلبة، قال: فوضعت خده إلى الأرض، قال: حتى نظرت إلى أطراف شعر لحيته خارجة من بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015