بكاءها من الدّاخل، فقالوا: "أوصِ يا أمير المؤمنين استخلف". قال: "ما أجد أحداً أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر الرهط الذي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ"، فسمّى عليّاً، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية - فإن أصابت الإمارة سعداً1 فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمّرَ، فإني لم أعز له من عجز ولا خيانة".

قال: "أوصي الخليفة من بعدي، بالمهاجرين الأوّلين أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيراً: {الَّذِينَ تَبَوَّءوا الدَّارَ والإِيمَانَ مِن قَبْلِهِم} [الحشر: 9] ، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنهم ردْء2 الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدوّ، وأن لا يؤخذ منه إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيراً، فإنهم أصل العرب، ومادة الإسلام، أن يؤخذ من حواشي أمالهم، ويردّ على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله، وذمة رسوله أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يُكلفوا إلا طاقتهم".

فلما قبض خرجنا به، أو قال: معه، فانطلقنا نمشي، فسلّم عبد الله ابن عمر، قال: "يستأذن عمر بن الخطّاب"، قالت: "أدخلوه". فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه، فلما فُرِغَ من دفنه، اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبد الرحمن: "اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم"، قال الزبير: "قد جعلت أمري إلى عليّ"،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015