فقال: "من أنت ويلك؟ "، قال: "عاملك على مصر"، وكان رجلاً بدوياً، فلما أصاب من ريف مصر ابيضّ وسمن، فقال: "استعملتك وشرطت عليك شروطاً، فتركت ما أمرتك به، وانتهكت ما نهيتك عنه، أما والله لأعاقبنك عقوبة أبلغ إليك فيها، إيتوا بدرّاعة1 من كساء، وعصا وثلاث مئة شاة من شياه الصدقة، فقال: "ألبس هذه الدّارعة، فقد رأيت أباك وهذه خير من دُرّاعته، وهذه خير من عصاه، اذهب بهذه الشاء فارعها2 في مكان كذا وكذا - وذلك في يوم صائف - فلا تمنع السائل من ألبانها شيئاً وأعلم أنا آل عمر لم نصب من شاء الصدقة، ومن ألبانها ولحومها شيئاً، فلما أمعن رده، فقال: "أفهمت ما قلت لك؟ "، ورد عليه الكلام ثلاثاً فلما كان في الثالثة ضرب بنفسه الأرض بين يديه، وقال: "ما أستطيع ذلك، فإن شئت فاضرب عنقي"، قال: "فإن رددتك فأي رجل تكون؟ "، قال: "لا ترى إلا ما تحب فرده فكان خير عامل"3.

وعن المنصفق4: أن عمر رضي الله عنه كتب لرجل عهداً، وجاء بعض ولده فأقعده في حجره، فقال الرجل: "ما أخذت ولداً لي قط"، قال: "فما ذنبي إن كان الله عزوجل نزع الرحمة من قلبك؟، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء". ثم انتزع العهد من يده"5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015