كثيراً، وركب الناس أمراً بليغاً، وجاءوا إلى الجسر، فمرّ بعض الناس، وانكسر الجسر، فتحكم الفرس فيمن وراءه فقتلوا من المسلمين، وغرق في الفرات1 نحواً من أربعة آلاف، فإنا2 لله وإنا إليه راجعون.
وكان الناس لما انهزموا جعل بعضهم يلقي نفسه في الفرات3 فيغرق، فقال المثنى: "على هينتكم فإني واقف على فم الجسر لا أجوز حتى لا يبقى منكم أحد". فلما تعدّ الناس إلى الناحية الأخرى، سار المثنى فنزل بهم أوّل منزل، وقام يحميهم هو، وشجعان المسلمين، وقد خرج أكثرهم مذعوراً، وذهب بالخبر عبد الله بن زيد بن عاصم4، فوجد عمر على المنبر، فقال له عمر: "ما وراءك يا عبد الله بن زيد؟ "، فقال: "أتاك الخبر اليقين"، ثم صعد إليه المنبر فأخبره سراً ولم يؤنب عمر أحداً ممن رجع إلى المدينة، بل قال: "أنا أكفيهم أمرهم"5، 6.
وتوفي في هذه السنة المثنى بن حارثة، وكان قد جرح يوم الجسر، فانقضَّ عليه ومات منه7.