الشام بأمر الصديق على الصحيح1، ووهم من قال: "إن عمر هو الذي بعثه بعد موت الصديق"2.
وذلك أن خالداً لما سار إلى الشام، استغنم الفرس غيبت3 خالد، واجتمعوا بعد مقتل ملكهم وابنه وبعثوا / [53 / ب] إلى المثنى جيشاً نحواً من عشرة آلاف، وكتب شهرياز4 إليه: "إني قد بعثت إليك جنداً من أوخش5 أهل فرس، إنما هم رعاة الدجاج والخنازير، ولست أقاتلك إلا بهم".
فكتب المثنى "إنما أنت أحد رجلين إما باغ فذلك شرّ لك، وخير لنا، وإما كاذب6 فأعظم الكذابين عقوبة وفضيحة عند الله في الناس الملك الكاذب، وأما الذي ذكرت أنك تقاتلنا بهم من الرعاة فإنا نرى أنكم قد اضطررتم إليهم، فالحمد لله الذي ردّ كيدكم إلى رعاة الدجاج والخنازير، وأحوجكم إليهم".
فلامه فارس7 على كتابه ذلك، ثم واقعوه فظفر المثنى بهم، ثم استخلف على العراق، وسار إلى المدينة؛ لأنه كان قد استبطأ خبر الصديق، لأنه مشتغل بأهل الشام عنه، فوجد الصديق في السياق وعهد إلى عمر بن الخطاب فقال لعمر: "إذا أنا مِت فاندب الناس إلى الجهاد بأرض العراق مع المثنى، وصلة لمن بقي من المقاتلة بعد ذهاب خالد عنها"8.