فقال: "انطلق بنا"، فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق، فأخرج عدلاً1 من دقيق وكُبة2 من شحم، فقال: "احمله عليّ"، فقلت: أنا أحمله عنك، فقال: "أنت تحمل وزري يوم القيامة، لا أم لك! "، فحملته عليه، فانطلق وانطلقت معه إليها نهرول، فألقى ذلك عندها، وأخرج من الدقيق شيئاً، فجعل يقول لها: "ذُرّي عليّ، وأنا أحرّك لك"، وجعل ينفخ تحت القدر ثم أنزلها، فقال: "ابغني شيئاً"، فأتته بصحفة فأفرغها فيها، فجعل يقول لها: "أطعميهم، وأنا أسطّح3 لهم".

فلم يزل حتى شبعوا وترك عندها فضل ذلك، وقام وقمت معه، فجعلت تقول: "جزاك الله خيراً كنت بهذا الأمر أولى من أمير المؤمنين"، فيقُولُ: "قولي خيراً، وإذا جئت أمير المؤمنين وجدتيني هناك إن شاء الله". ثم تنحى ناحية عنها ثم استقبلها فربض مربضاً، فقلت: ألك شأن غير هذا؟ فلا يكلمني حتى رأيت الصبية يصطرعون ثم ناموا وهدءوا، فقال: "يا أسلم إن الجوع أسهرهم وأبكاهم، فأحببت أن لا أنصرف حتى أرى ما رأيت"4. / [43 / أ] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015