المسجد خطيباً فقال: "لا أسمعن أحداً يقول: "إن محمّداً قد مات، ولكنه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى بن عمران، فلبث في قومه أربعين ليلة، والله إني لأرجو أن يقطع أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه قد مات"1.
قال عكرمة2: "ما زال عمر يتكلم وهو يتوعد المنافقين حتى أزبد شدقاه3، وأقبل أبو بكر على فرس له من مسكنه بالسنح، حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغشى بثوب حبرة، فكشف عن وجهه ثم أكبّ عليه فقبّله وبكى، ثم قال: "بأبي أنت وأمي، طبت حيّاً وميتاً، والله لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي قد كُتبت عليك فقد متّها". وخرج وعمر يكلم الناس، فقال: "اجلس يا عمر"، فأبى عمر أن يجلس، فأقبل الناس إليه وتركوا عمر، فقال أبو بكر: أما بعد: فإن من كان يعبد محمّداً فإن محمّداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، قال الله عزوجل: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} ، إلى قوله: {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] . قال والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس كلهم فما أسمع بشراً إلا يتلوها".
فأخبرني سعيد بن المسيب: أن عمر قال: "والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي حتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها"4.