في دار - أو في أرض - البُعداء البغضاء بالحبشة، وذلك في الله وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيْمُ الله لا أطعمُ طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلت للنبي صلى الله عليه وسلم، ونحن كُنّا نؤذى ونخاف، وسأذكرُ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأسأله، والله لا أكذبُ ولا أزيغ ولا أزيد عليه، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "يا نبي الله إن عمر قال: كذا وكذا؟، قال: "فما قلت له؟ "، قالت: قلت له: "كذا وكذا"، قال: "ليسَ بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرةٌ واحدةٌ، ولكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان"، قالت: "فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالاً، يسألونني عن هذا الحديث، ما مِنَ الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظمُ في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم"1.
قال العلماء - رحمهم الله -: "تجب الهجرة على من يعجز عن إظهار دينه في دار الحرب، وإن لم يعجز عن إظهار دينه لم تجب عليه، لكن الأفضل له الهجرة إلى بلد الخير والعبادة، وكذلك من يعجز عن إظهار السنة ببلد البدعة تجب عليه الهجرة"2.
فإن قيل: "لا هجرة اليوم لقوله عليه السلام: "لا هجرة بعد الفتح" 3، وقول عائشة لما سئلت عن الهجرة فقالت: "مضت الهجرة لأهلها، واليوم يعبد الإنسان ربّه حيث كان"4.
قيل: "المراد: لا هجرة من مكة إلى المدينة، لأن مكة كان كثر الإسلام