في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ (2) [الجمعة] فسرها بالخط والقلم، وكلمة (الكتاب) مصدر للفعل (كتب) مثل الكتابة (?)، فقال: «الكتاب: الخط بالقلم، لأن الخط فشا في العرب بالشرع، لما أمروا بتقييده بالخط» (?).

ثانيا- النبيّ صلى الله عليه وسلم يأمر بكتابة القرآن:

نزل القرآن مفرقا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يسر الله له حفظ القرآن، فلم تكن به حاجة إلى مصحف يقرأ فيه، وكان يتلوه على صحابته، ويأمرهم بتعهده خشية نسيانه، وآفة الحفظ النسيان، ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن، ونقل عنه أنه قال: «قيّدوا العلم بالكتاب» (?). وهذا القول من جوامع الكلم، فقد جعل صلى الله عليه وسلم الكتابة كالقيد للعلم، فلا يذهب ولا ينسى. وكان القرآن الكريم أولى بالتقييد من غيره، حتى لقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور الذي رواه أبو سعيد الخدري: «لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن، ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه» (?). وكان ذلك خشية أن تختلط ألفاظ الوحي بحديثه صلى الله عليه وسلم، وقد أذن لبعض الصحابة بكتابة الحديث بعد ذلك (?).

ونقل الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان كلما نزل عليه الوحي دعا بعض من يكتب له، فيقول له: ضع هذه الآية أو الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا (?)، يعني اسم السورة. وكان كثيرا ما يقول: «ادع لي زيدا، وليجئ باللّوح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015