هو ما اطلع فيه على علةٍ خفيةٍ تقدح في صحته، مع أنْ الظاهر سلامة الحديث من العلة.
وينقسم الحديث الصحيح إلى قسمين: صحيح لذاته وصحيح لغيره، فالصحيح لذاته هو ما تقدم تعريفه، وقلنا: لذاته؛ لأن صحته ناشئة من نفسه دون إضافة شيء.
أما الصحيح لغيره: فهو الحديث الحسن الذي ارتقى بمتابع أو شاهد.
وقد تكلم العلماء في أصح الأسانيد فقيل: أصحها الزهري، عن سالم، عن أبيه.
وقيل: الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله بن مسعود.
وقيل: مالك، عن نافع، عن ابن عمر.
وقيل: محمد بن سيرين، عن عَبيدة بن عمرو السلماني عن علي.
وهذه تنفع عند الاختلاف، فما قيل فيه: أصح الأسانيد يرجح على غيره، وكذا يعرف به صحة الحديث.
وإذا قال المحدثون: صحيح الإسناد، أو إسناده صحيح، فهذا معناه: أنْ الحديث قد استكمل شروط الصحةِ الثلاثةِ الأولى، ولا يلزم منه أن يكون صحيحاً؛ إذ قد يكون شاذاً أو معلاً فلا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن، ولا من ضعف الإسناد ضعف المتن.
وإذا قال المحدثون: أصحُ شيءٍ في الباب فلا يعنون صحته، وإنما يعنون أنه أمثل شيءٍ في الباب.
أما أول من صنّف في الصحيح المجرد فهو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة المولود سنة (194 هـ) ، والمتوفى سنة (256 هـ) ، وقد طلب العلم صغيراً وله أحد عشر عاماً، وكان من أوعيةِ العلم، وكتابه أصحُ كتابٍ بعد كتاب الله، واسم الكتاب " الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننهِ وأيامهِ ".
ويستفاد من قوله: (الجامع) أنه يجمع الأحكام والفضائل والأخبار عن الأمور الماضية، والآتية، والآداب، والرقائق، والتفسير.
ويستفاد من قوله: (الصحيح) أنه احترز عن إدخال الضعيف في كتابهِ، وقد صح عن الإمام البخاري أنّه قال: ((ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح)) .