فإبراهيم النّخعي لقي عائشة، ولم يسمع منها شيئاً، والأعمش رأى أنساً، ولم يسمع منه شيئاً.
وللفائدة: فإنَّ هذا التعريف للمرسل هو الذي استقر عليه الاصطلاح. أما السابقون: فكانوا يطلقون كلمة (مرسل) على كل منقطع.
فعلى هذا تكون طريقة تمييز المرسل بمجرد أن يعلم أنَّ الذي حدَّث به عن النبي- صلى الله عليه وسلم - تابعي، وتمييز التابعين من غيرهم يعرف من كتب رجال الحديث.
حكم الحديث المرسل
اختلف أهل العلم في الاحتجاج بالمرسل على أقوال كثيرة، أشهرها ثلاثة أقوال رئيسة:
القول الأول: إنَّ الحديث المرسل ضعيف، لا تقوم به حجَّة. وهذا ما ذهب إليه جمهور المحدِّثين، وكثير من أهل الفقه والأصول.
قال الإمام مسلم _ رحمه الله تعالى _: ((والمرسل في أصل قولنا، وقول أهل العلم بالأخبار، ليس حجَّة)) .
وقال ابن الصلاح: ((وما ذكرناه من سقوط الاحتجاج بالمرسل، والحكم بضعفه، هو الذي استقرَّ عليه آراء جماعة حفاظ الحديث، ونقّاد الأثر، وتداولوه في تصانيفهم)) .
وحجَّتهم: هو جهالة الواسطة التي روى المرسل الحديث عنه، إذ قد يكون الساقط صحابياً، وقد يكون تابعياً. وعلى الاحتمال الثاني: قد يكون ثقة، وقد يكون غير ثقة، قال الخطيب البغدادي: (والذي نختاره: سقوط فرض العمل بالمرسل، وأنَّ المرسل غير مقبول، والذي يدل على ذلك: أنَّ إرسال الحديث يؤدي إلى الجهل بعين راويه، ويستحيل العلم بعدالته مع الجهل بعينه، وقد بيَّنا من قبل أنَّه لا يجوز قبول الخبر إلاّ ممن عرفت عدالته، فوجب كذلك كونه غير مقبول، وأيضاً فإنَّ العدل لو سئل: عمَّن أرسل؟ فلم يعدله،لم يجب العمل بخبره، إذا لم يكن معروف العدالة من جهة غيره، وكذلك حاله إذا ابتدأ الإمساك عن ذكره، وتعديله؛ لأنَّه مع الإمساك عن ذكره غير معدل له، فوجب أن لا يقبل الخبر عنه)) .