وهذا المبهم وما في معناه ربَّما كان ثقةً، وربَّما كان مجروحاً، ويرجَّح الأخير؛ لأنه لو كان ثقة معلوم القدر والمنزلة، مقبولاً عند من من سمع بذكره لما أبهمه تلميذه، ففي تصرفه ما يشعر بكونه ليس بثقة، ومن خلال استقراء كثير من المبهمات وُجد أغلبها عن ضعفاء، حتى قال الخطيب البغدادي: ((قلَّ من يروي عن شيخ فلا يسمّيه، بل يكنّي عنه، إلاّ لضعفه، وسوء حاله)) .
وممّا يُعرف به الانقطاع: التنصيص على عدم السماع، ويقع ذلك من الراوي نفسه، وهو قليل، كقول عمر بن مرّة: قلت لأبي عبيدة (يعني ابن عبد الله بن مسعود) : تذكر من أبيك شيئاً؟ قال: لا.
وتارةً بتنصيص من روى عنه من الثقات، وتارةً بتنصيص الناقد العارف من جهابذة هذا الفنّ، كما حصل من تصريح البخاري في حديث الترمذي السابق، وذلك بناءاً على الاستقراء، والنظر على عدم الإدراك، أو اللقاء، أو السماع، وكذلك يُعرف عدم السماع بتأريخ وفاة الشيخ، ومولد التلميذ، فإن كان التلميذ ولد بعد وفاة الشيخ، أو كان صغيراً في سن لا يحتمل السماع، فهو انقطاع، وكذلك يُعرف الانقطاع بوجود قرينة تدل على الانقطاع، كقول الراوي: حدّثتُ عن فلان، أو أخبرتُ عن فلان، وكذلك يُعرف الانقطاع بافتراق بلد الراوي وشيخه، بما يكون قرينة على عدم التلاقي.
وهذه أمور تُدرك بمراجعة كتب الرجال، ومنها: مراسيل ابن أبي حاتم، وجامع التحصيل للعلائي، وتحفة التحصيل لأبي زرعة العراقي.
والأصل في الحديث المنقطع: أنه ضعيف عند المحدّثين؛ لأنه فقد شرط الاتصال؛ وللجهالة بحال الساقط الذي لم تعرف عدالته، ولا ضبطه. قال الشوكاني: (ولا تقوم الحجّة بالحديث المنقطع، وهو الذي سقط من رواته واحد ممَّن دون الصحابي؛ وذلك للجهل بحال المحذوف من حيث عدالته وضبطه؛ لأنَّ ثبوت هذا شرط لقبول الحديث) .