وأثناء الجلسة التالية (28 جانفي، 1834)، التي خصصت أيضا لمناقشة نفس الموضوع، حضر المناقشة وزير البحرية بنفسه وجلس على المنصة إلى جانب رئيس اللجنة. وقد تدخل الوزير وأجاب على عدة أسئلة تتعلق بحركة الجنود في الجزائر والميزانية الضرورية سواء اتبعت فرنسا الاحتلال الجزئي أو الكلي. ونلاحظ هنا أن احتمال التخلي عن الجزائر لم يكن واردا، وأن حضور الوزير لهذه الجلسة بالذات كان تدخلا مباشرا من الحكومة لتعزيز حجة المدافعين عن مبدأ الاحتفاظ بالجزائر. وبعبارة أخرى فاللجنة لم تكن محايدة ولكنها كانت وسيلة لتنفيذ برنامج الحكومة في الجزائر.

ومن الملاحظ أن اللجنة كانت تحت ضغط شديد من الخارج. فقد كانت تتصل برسائل شخصية من الذين شاركوا في الحملة ضد الجزائر، وبتقارير إضافية من وزارتي البحرية والحربية ومن السلطات الفرنسية في الجزائر، غير أننا نلاحظ غياب صوت العرب في هذا الصدد. ومن الممكن أن يكون قد كتمه (المكتب العربي) الذي أنشىء في الجزائر ليكون همزة الوصل بين العرب والسلطات الفرنسية. ومن الممكن أيضا أن تكون المطالب والعرائض العربية ما زالت في دار المحفوظات (الأرشيف) ضمن الوثائق التي لم تنشر بعد.

ويظهر من مناقشات أعضاء اللجنة أنهم كانوا يحاولون إيجاد طرق الاحتفاظ بالجزائر واحتلالها كاملة واستعمارها واستغلالها، ولم يكونوا يناقشون ما إذا كان ذلك ممكنا. ونحن نجدهم قد ناقشوا ووافقوا على احتلال وهران وعنابة وبجاية، وصوتوا على ميزانية الاحتلال وعلى عدد الجنود الضروريين للحفاظ على الاحتلال. ومما يلفت النظر أن رئيس اللجنة كان كثيرا ما يقرأ الوثائق والرسائل والتقارير التي يطالب أصحاب بضرورة احتلال الجزائر والاحتفاظ بها حتى قال أحد الأعضاء أثناء المنافثة (جلسة 7 فبراير 1834).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015