الفصل الخامس
مرابطون وثوار
بعد توقيع معاهدة الاستسلام بين حسين باشا والكونت دي بورمون (5 يوليو عام 1830) وانتهاء المقاومة الرسمية، بدأت المقاومة الشعبية التي كان على رأسها مرابطون يجمعون الساسة إلى الدين وثوار لهم أطماع دنيوية حادة. ولما كان أهل المدينة قد فظلوا السلام على الحرب وقرروا عدم الوقوف في وجه الجيش الفرنسي، فان عرب البادية من الفلاحين وعمال الأرض ورؤساء القبائل ورجال الدين قد قرروا المقاومة ومنع تقدم الجيش الفرنسي خارج المدينة. ومن الطبيعي أن يكون أول من اصطدم بالعدو، خارج المدينة، هم سكان متيجة الممتد من الساحل إلى جبال الأطلس.
كان هناك حوالي اثنتى عشرة قبيلة. لكل منها رئيس أو قائد. وأهمها بنو خليل، والخشنة، والسبت، وبنو موسى. وبالإضافة إلى هذه القبائل كانت هناك مدن صغيرة منتشرة في السهل أهمها البليدة، والقليعة، وشرشال، وبوفاريك، وكان معظم السكان من المزارعين والتجار الصغار. وعندما شعرت القبائل والمدن المجاورة بالخطر تحالفت وقررت المقاومة، ومن ثم ابتدأت سلسلة من الاصطدامات مع العدو وتحولت شيئا فشيئا إلى ثورة عامة. وقد ظهر خلال هذه الثورة زعماء لعبوا دورا هاما في السنوات الأولى من الاحتلال، منهم ابن زعمون، والحاج سيدى السعدي، والحاج محيي الدين بن المبارك، ولم تكن المقاومة مقتصرة على هؤلاء العرب، بل كان هناك في بقية الإدارة العثمانية مقاومون أمثال مصطفى بومزراق، باي التيطري، وإبراهيم باي قسنطينة السابق.