بخمسين شابا من أكابر العائلات في المدينة لحملهم إلى باريس كرهائن أيضا (?).

وأمام هذه الوقائع التجأ حضر الجزائر إلى عدة طرق للتعبير عن عدم رضاهم. لم يكونوا مرابطين فيأمروا أتباعهم بالجهاد ضد فرنسا كما فعل محيي الدين والد الأمير عبد القادر. ولم يكونوا شيوخ قبائل فيدعو أنصارهم إلى حمل السلاح كما فعل ابن زعمون، ولم يكونوا من بقايا الدولة المنهارة فيحملوا الناس على محاربة العدو كما فعل كل من باي التيطري وباي قسنطينة. لقد كانوا مجرد طبقة تاجرة في الماضي ولكنها الآن مجردة من المال، كانوا يحسنون المؤامرات ولكنهم يفتقدون الوسائل. وقد زاد وضعهم سوءا أن كثيرا منهم هاجر أو ارتحل إلى أماكن أخرى في الجزائر نفسها، والذين لم يهاجروا ولم يرتحلوا شتتهم الفرنسيون وأضعفوهم بالنفي والمحاكمات وتسليط الطائفة اليهودية عليهم.

وهكذا لم يبق أمامهم، فيما يبدو، سوى الشكوى والتذمر، وكتابة العرائض والرسائل، ومخاطبة الرأي العام باسم الإنسانية. والكشف عن سوءات الحكم الفرنسي في الجزائر، والاتصالات الغامضة بكل الجهات الممكنة لمساعدتهم على الخروج مما أصبحوا فيه، ومن الطبيعي أن نذكر بأنهم لم يكونوا جميعا في هذا المستوى. فمنهم من استسلم للظروف وصمت. ومنهم من رضي بحياة المنفى. ومنهم من ظل يتعاون مع السلطات القرنسية راضيا أو مكرها. وكان للتنافس والطموح وضعف الإرادة والضمير بين أفرادها حظ كبير في ضعضعة هذه الطبقة وإضعاف دورها الذي كان يمكن أن يكون إيجابيا.

وليس الهدف هنا هو دراسة هذه الطبقة من جميع النواحي، ولكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015