الفصل الثالث
من الإدارة العثمانية إلى الإدارة الفرنسية
النظم الإدارية التي أقامها العثمانيون في الجزائر لم تكن تختلف كثيرا عن النظم التي أقاموها في اسطانبول وفي الأجزاء الأخرى من الدولة. ورغم (الطابع الشرقي) الذي تميزت به هذه الإدارة في الجزائر فإن الفرنسيين أبقوا على بعض منها عندما احتلوا الجزائر. وكان بعضهم يريد التطبيق الحرفي لعدد من هذه النظم. ولا سيما العسكرية منها. ونحن نجد في مناقشات اللجنة الأفريقية بعض الآراء حول هذا الموضوع (?). ولكي يفهم المرء حالة الجزائر في الفترة الانتقالية من العهد العثماني إلى العهد الفرنسي لابد من إعطاء لمحة عن هذه النظم الإدارية.
يمتاز الحكم العثماني في الجزائر بظاهرة الخضوع للسلطان. كما يمتاز بعدم الاستقرار الإداري. وقد كان هناك نوع من التفاهم المتبادل بين السلطان والحاكم في الجزائر. فالباشا كان يحاول تمكين سلطته بعد تسميته من الجنود. والبيعة المحلية لا تكفي، إذا لم يباركها السلطان بالفرمان والقفطان المذهب، وسيف الشرف والعمامة الخاصة. وقد كان في استطاعة السلطان أن يضغط على الباشا بعدم إرسال الأشياء المذكورة أو بمنعه من تجنيد المتطوعين في أناضوليا. وهو إجراء يسبب ضعف الولاية (الجزائر).
ويدخل تبادل الهدايا بين السلطان والباشا في هذا النطاق. فالباشا كان يرسل إلى السلطان وإلى وزرائه وأعوانه هدايا ثمينة يختلف حجمها ونوعها