وتذكر بعض المصار أنه كان في كل قرية مدرستان (?). وكانت المدن تختلف في عدد المدارس. فقسنطينة في عهد الباي الحاج أحمد كانت تضم 86 مدرسة ابتدائية. وكان يختلف إليها حوالي 1.350 تلميذا وكان في تلمسان في حوالي نفس الفترة 50 مدرسة ابتدائية.
ومدة التعليم الابتدائي حولي أربع سنوات يتعلم الطفل خلالها مبادىء القراءة والكتابة ويحفظ القرآن وأركان الإسلام وشعائر الدين. وإذا كان الفقراء يكتفون بهذا القدر من التعلم فان الأغنياء يواصلون تعلمهم. وبذلك يدخلون المرحلة الثانوية. ويذكر بعضهم أن عملية الحفظ كانت صعبة على الطفل لأن العربية الكلاسيكية تعتبر (لغة أجنبية، (?). والواقع أن الصعوبة لا ترجع إلى كون اللغة أجنبية ولكن إلى طريقة التعلم نفسها. وأن كثيرا من الألفاظ التي يحفظها الطفل في هذه المرحلة لم تكن موجودة في البيت وفي الشارع.
كان التلميذ يستطيع أن يواصل تعليمه الثانوي في الجامع أو في مدرسة ملحقة بالأوقاف. وكان التعليم الثانوي مجانا. وكان الباي هـ الذي يسمي المدرس باقتراح من الناظر، ويتلقى المدرس أجرته من الأوقاف وهي تبلغ بين مانة إلى مائتين من الفرنكات سنويا. وكان يسكن مجانا. وغالبا ما يجمع إلى وظيفة المدرس وظائف أخرى كالقضاء أو الإفتاء. وكان يسود الاعتقاد أن المدرس يقضي وقته يعد الدروس، ولذلك يأتيه الناس بالضروريات كالماء والزيت للمصباح. كما كانوا يأتونه يوميا بحلويات رمضان وملابس العيد، والطعام. ومن جهة أخرى كان التلاميذ أيضا يحصلون من الأهالي على الحلوى والزيت للمصباح وعلى السكن مجانا والماء.