والواقع أن اللجنة لم توص باحتلال المدن والسهول فقط ولكنها أوصت بجعل الجزائركلها أملاكا فرنسية (دائما وثابتا) وقد أكدت هذا الرأي في التقرير النهائي الذي قدمته إلى الحكومة. فقد جاء في هذا التقرير أن على فرنسا أن تحتفظ بالجزائر وأن لا تبقى في المدن الساحلية فقط، بل الواجب عليها جعل تلك المدن مراكز أمامية لإمداد الجيش بضرورات حملات عسكرية توسعية في داخل البلاد لإخضاع كامل البلاد للسيطرة الفرنسية.
ولكن اللجنة سجلت في نفس الوقت بعض الاعترافات سواء في محاضر الجلسات أو في التقرير النهائي. فقالت إن عددا من الحضر (المور) واليهود الجزائريين قد اضطروا إلى مغادرة أملاكهم. وقد أعلنت السلطات الفرنسية عندئذ عن خلو تلك الأملاك التي عمرها بعدهم المالطيون وأسبان جزر البليار، والألمان والسويسريون الذين كانوا متجهين أولا إلى أمريكا. وبعد استقرار هؤلاء في أملاك الجزائريين (الخالية) بدأوا يشكون من الوضع الذي هم فيه وحلت الخيبة عندهم، حسب تعبير اللجنة، محل الأحلام (?). والملاحظ أن اللجنة لم تلق التبعة على السلطات الفرنسية في الجزائر التي أمرت بنفي الجزائريين وإخرجهم كرها من ديارهم، بل ألقتها على النهابين والمغامرين.
واعترفت اللجنة أيضا أن المحاولات الأولى لاستعمار الأرض حول مدينة الجزائر قد باءت بالفشل لأن الفاقة والأمراض أبعدت المستوطنين الجدد عن المستعمرات، وبالإضافة إلى ذلك هناك العنف والحرب المتواصلة التي كانت تشنها القبائل المجاورة (أي في سهل متيجة) ضد الفرنسيين (?). أما في وهران وعنابة فقدكان الأمر أسوأ. فأهل وهران قد غادروا مدينتهم منذ حل بها الفرنسيون. كما تعطلت هناك العلاقات التجارية بين العرب والفرنسيين (?).