(1) ما جاء في الشّجاعة وأحوالها، حقيقة الشجاعة
حقيقة الشجاعة
قيل: الشجاعة صبر ساعة، وكتب زياد إلى ابن عباس: صف لي الشجاعة والجبن والجود والبخل فقال: الشجاع من يقاتل من لا يعرفه والجبان يفر من عرسه والجواد يعطي من لا يلومه حقه والبخيل يمنع من نفسه، قال شاعر:
يفرّ جبان القوم عن أم نفسه ... ويحمي شجاع القوم من لا يناسبه
وسئل فيلسوف عن الشجاعة فقال: جبلة «1» نفس أبية وقيل: الرجال ثلاثة: فارس وشجاع وبطل. فالفارس الذي يشد إذا شدوا والشجاع الداعي إلى البراز، والمجيب داعية والبطل الحامي لظهورهم إذا انهزموا.
قال الجاحظ: الأسباب المشجعة قد تكون عن الغضب والشراب والهوج والغيرة والحمية. وقد تكون من قوة النفخ «2» وحب الأحدوثة وربما كان طبعا كطبع الرحيم والسخي والبخيل والجزوع والصبور وربما كان للدين، ولكن لا يبلغ الرجل للدين ما لم يشيعه بعض ما تقدم لأن الدين مجتلب مكتسب ولا يكاد يبلغ الطبيعة.
وقيل: لا يصدق القتال إلا ثلاثة: متديّن وغيران وممتعض من ذلّ.
قيل: قد جمع الله تعالى في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً
«3» ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا