وقيل لفيلسوف ما الصديق؟ فقال: اسم على غير معنى. قال أبو فراس «1» :
نعم دعت الدنيا إلى الغدر دعوة ... أجاب إليها عالم وجهول
فيا حسرتي من لي بخلّ موافق ... أقول بشجوي مرّة ويقول
قال الصابئ «2» :
أيا ربّ كلّ الناس أولاد علّة ... أما تغلط الدنيا لنا بصديق
وجوه بها من مضمر الغلّ شاهد ... ذوات أديم في النّفاق صفيق «3»
قال أعرابي: اللهمّ اكفني بوائق «4» الثقات والاغترار بظاهر المودّات. وقال آخر: اللهم احفظني من الصديق. فقيل: كيف؟ قال: لأني متحرّز من العدوّ. قال علي بن عيسى:
إحذر عدوّك مرّة ... واحذر صديقك ألف مرّة
فلربّما انقلب الصديق ... فكان أعلم بالمضرّة
وقيل: احذر من تأمنه، فودائع الناس لا تضيع إلا عند الثقات. وقيل: قلّ من يؤذيك إلا من تعرفه.
ذمّ العبّاس رجلا فقال هو يترصّد في صداقته ما يتوثّب به في عداوته. قال شاعر:
احذر أخوّة كلّ من ... شاب المرارة بالحلاوه
يحصي الذنوب عليك ... أيام الصداقة للعداوه
فلا خير في ودّ امرئ متكاره ... عليك ولا في صاحب لا توافقه
وقال آخر:
ألا إنّ خير الودّ ودّ تطّوعت ... به النفس لا ودّ أتى وهو متعب
قال بعضهم: تظن فلانا يضحك لك وهو يضحك منك فإن لم تتخذه عدوا في