صوتا، ومخارق وعلويه وزلزل وابن بانة وإبراهيم بن المهدي، كان من حذاق المغنين، ولذلك قال فيه دعبل لما ولي الخلافة:
إن كان إبراهيم مضطلعا لها ... فلتصلحن من بعده لمخارق
ولتصلحن من بعد ذاك لزلزل ... ولتصلحن من بعده للمارق «1»
ومنهم ابن محرز الغريض ومالك بن أبي السمح.
قيل: غناء بلا شراب كنحلة بلا عطية وهدية بلا نية ورعد بلا مطر وشجر بلا ثمر وحداء بلا بعير وروضة بلا غدير. قال الرشيد: النكس الذي يشرب على غير سماع. وقال أبو نواس:
وليس الشرب إلا بالملاهي ... وبالحركات من بم وزير «2»
قال صاحب الموسيقا: السماع كالروح والخمر كالجسد فباجتماعهما يتولد السرور.
وقيل لأبي العطوف هل ترى في الغناء، فقال: أما قبل الأكل ومع غير الشراب فلا.
قيل لمغن: غن لنا كذا ثم بعده كذا، فقال: يا ابن الفاعلة لا تقترح صوتا إلا بولي عهد. قال الحسن بن علي العلوي: قلت لمغن: غنني، قال: هذا أمر. قلت: أسألك، قال: هذا حاجة، قلت إن رأيت، قال: هذا إبرام، فقلت فلا تغن، قال: هذا عربدة.
كان هرمس إذا قعد للشرب يقول للموسيقا أطلق النفس من رباطها. من هنا أخذ كشاجم قوله:
أطلق عقال الروح بالرّاح ... إنّ إليها جدّ مرتاح
قد كدّت الحكمة روحي ... فروحها بأوتار وأقداح
وكان مروان يقول: أطعمتنا طيبا فأطعم أرواحنا حسنا. قال أبو العتاهية لمغن:
صب في هذه الآذان ما تطعم به القلوب في الأبدان، فلو كان الكلام طعاما كان كلامك أداما.
قال رجل لمغنية: غنيني، قالت: ليس معي عود، قال: فاضربي على حرك قالت قطعت أوتاره بالمخيط وحياتك. وقيل لآخر: غن بغير عود، فقال: أنا فارس لا أقاتل راجلا. وقال آخر لمغن في دعوته: أنعم علينا بما لا يتعب ضرسا ولا يسقم نفسا.
حقّ الصوت الحسن أن يعاد أربع مرات، الأول بديهة والثاني تفهم والثالث للشرب والرابع للشبع.