الموصلي: كانت الخلفاء من بني أمية لا يظهرون للندماء والمغنين، وكان بينهم وبين ندمائهم ستارة، وكان بنو العباس يظهرون ثم احتجبوا عنهم، ولم ير أبو جعفر قط يشرب إلا الماء، وكان المهديّ في أول أمره يحتجب متشبها بمن قبله ثم ظهر لهم، وقال: اللذة في مشاهدة السرور والدنو من الأحباب.
قال المأمون رحمه الله: أطووا خبر أمس مع ذهاب أمس، فهو أدوم للسرور وأسلم للصدور. وقال: النبيذ بساط إذا رفع لم ينشر.
وقال علي بن صالح:
حكم العقار إذا قصدت لشربها ... في لذّة من مسمع أو قيان
أن لا تعود لذكر ما أبصرت من ... أحدوثة من شارب سكران
وقال آخر:
إذا ذكر النبيذ فليس حقّا ... إعادة ما يكون مع النبيذ
إعادة ما يكون من السّكارى ... يكدّر صفوة العيش اللذيذ
قال شاعر:
ولست بلاح لي نديما بزلّة ... ولا هفوة كانت ونحن على خمر «1»
عركت بجنبي قول خدني وصاحبي ... ونحن على صهباء طيبة النشر «2»
وأيقنت أن السكر طار بلبّه ... وأعرق في شتمي وقال وما يدري «3»
وقال ابن الجهم:
تنازعوا لذّة الصهباء بينهم ... وأوجبوا الرّضيع الكاس ما يجب «4»
لا يحفظون على السكران زلّته ... ولا يريبك من أخلاقهم ريب
قال شاعر:
إذا حكّمت كؤسك في الندامى ... فحقّهم الإقالة للعثار «5»