وإست من حملك على هذه المشورة وإست من قبلها منك، ثم قال:
ستعصى وتقصى ثم تمنّى بشربها ... وإدمانها إن كنت حرا مهذّبا
ومرّ النخاسي بأبي السماك في شهر رمضان، فقال: هل لك في رؤس وشراب كالورس يطيب النفس ويهضم الطعام ويسهل للفدم الكلام؟ فنزل وتغدّيا فأخبر أمير المؤمنين بذلك، فأفلت أبو السماك، وأخذ النخاسي فأتي به فضربه ثمانين وزاده عشرين، فقال: يا أمير المؤمنين وما هذه العلاوة؟ فقال: لجراءتك على ربّك في شهر رمضان.
دخل عمر رضي الله عنه على قوم يشربون، فقال: ألم أنهكم عن الشرب فشربتم، فقال أحدهم: ألم ينهك الله عن التجسس فلم تجسست؟ فقال: صدقت، فتجافى عنهم.
وقال العبدلي للواثق: ما قمرتني «1» إلا لكوني سكران، فقال: قد وجب عليك الحد لأنك أقررت، فقال: هذا افتخار لا إقرار اعتراف.
دخل أمية بن عبد الله على عبد الملك وبوجهه أثر، فقال: ما هذا؟ قال: قمت في بعض الليل فأصابني الحائط. فتمثل عبد الملك بقول الشاعر:
رأتني صريع الخمر يوما فرعتها ... وللشاربيها المدمنيها مصارع «2»
فقال أمية: لا آخذك الله يا أمير المؤمنين بسوء ظنك ولا يؤاخذك بسوء مصرعك.
وكان البراء بن قبيصة صاحب شراب، فدخل على الوليد بن عبد الملك وبوجهه أثر، فقال: ما هذا؟ قال: ركبت فرسا أشقر فكبابي، فقال: لو ركبت الأشهب لم يعثر بك، فعرّض بأنه شرب الخمر ولو شرب اللبن لما سقط.
وأنشد ابن الرقاع عبد الملك قصيدة، وذكر فيها الخمر فأجاد وصفها، فقال عبد الملك: لقد ارتبت بك في إجادة وصفك الشراب، فقال: وأنا ارتبت بك يا أمير المؤمنين لمعرفتك بجودته.
قيل لبعض الحكماء صف لنا خصائص الأشربة، فقال: أما الماء فيعظم خطره عند الحاجة إليه بحسب تعذّره عند العدم، وأما اللبن فشبع الغرثان وريّ الظمآن وزاد العجلان، وأما الماذي فكالمروزي «3» في الدثار والنرسي «4» في الشعار، وأما الزبيبي