مرّ الفرزدق على الحكم بن المنذر بن الجارود فاستسقى لبنا، فأمر غلامه أن يجعل في العقب خمرا ويحلب عليها لبنا ويسقيه، فلما كرع فيه جعل الخمر ينبع من تحت اللبن، فشرب، فقال له: بأبي أنت ممن يخفي الصدقات.
ودخل الغضبان الأسدي على قوم يشربون فاحتشموه ورفعوا نبيذهم فجعلوه تحت السرير، ورمقت السنور فأرة فطفرت فكسرت الآنية وفاح ريح الشراب، فقال الغضبان: إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون، فقالوا له: تالله إنك لفي ضلالك القديم ثم أخرجوا النبيذ فساعدهم عليه.
لما وقع الخلاف بين الأمين والمأمون، كان المأمون يخطب بخراسان بمساوي الأمين، ويقول في جملة مساويه: وما ظنكم بخليفة يقتني شاعرا ينشد بحضرته جهارا نهارا في مجلسه هذا القول:
ألا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر ... ولا تسقني سرّا إذا أمكن الجهر
فما الغبن إلا أن تراني صاحيا ... وما الغنم إلا أن يتعتعني السّكر
وقال المكتفي للصولي: أتعرف أهتك بيت قالته العرب، قال قول أبي نواس:
ألا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر
فقال: بل قول الحسين بن الضحاك:
أتبعت سكرا بسكر ... فأتبعت خمرا بعمر
قيل لبعضهم: كيف شربك؟ قال: لو وطئت زبيبا لسكرت شهرا.
قال الخبزارزي:
اصرف سفاتج هذا الشرب عن رجل ... له بضيعة في الشرب مزجاة «1»
وقال آخر:
ولو علم الأكارم ضعف شربي ... لأعفوني عن النّجب العظام
وقال خالد الكاتب:
لا أسقين ما ليس لي طاقة ... به فإنّي ضيّق الحوصلة