ولهذا باب في الشيب والشيب
كان إسماعيل بن حمدون يصطبح ويغتبق خمسين سنة، ثم ترك النبيذ فعمي فعاود عادته في الشرب، فقيل له، فقال: لا يجتمع عمى وظمأ.
وقال أبو نواس:
قالوا كبرت فقلت ما قصّرت يدي ... عن أن تخبّ إلى فمي بالكاس «1»
وقال اليعقوبي:
هل لك في عذل ابن ستين درك ... شيخ إذا ما غمّه العذل فتك
فهو خليع في الضّلال منهمك
قال بعضهم:
أبعد ستين قد ناهزتها حججا ... أحكّم الراح في عقلي وجثماني
يا قبح معتجر بالشيب من كبر ... راحت تميل به أعطاف سكران «2»
وقال آخر:
أمن بعد ستين ناهزتها ... أعلّل قلبي بإطرابه
وقال بعضهم:
لا أجمع الحلم والصهباء قد سكنت ... نفسي إلى الماء من ماء العناقيد
لم تنهني كبرة عنها ولا فند ... لكن صحوت وغصني غير مخضود «3»
قال أحمد بن أبي طاهر:
اسقنيها برغم من لام فيها ... من نصيح وعاذل وحسود
وقال ابن المعتز:
خليليّ طوفا بالمدام وبادرا ... بقيّة عمري والسّلام على مثلي
ألا إنّما جسمي لروحي مطيّة ... ولا بدّ يوما أن تعرّى من الرحل «4»