وهذه المجازر فإن لها ضراوة كضراوة الخمر. وقال المسيح: ألحم «1» تأكل لحما، أف لهذا عملا.

وسئل بعض الرهبان عن تركه أكل اللحم، فقال: إنا رأينا الغوائل تتولّد من أكل اللحم، ألا ترى أن أكلة اللحم من السباع هي أشد ضررا من أكلة الحشيش.

السكباج والزّيرباج

يقال للسكباج: الخليّة والمخللة والشمقمقة والصفصاف لغة ثقيف، وسمّوه أم القرى. ولم يكن يطلق السكباج «2» أن يطبخ في أيام الفرس إلا بخاتم من الملك وسئل بعضهم عنه، فقال: إنه يشفي العرم ويفتق الشهوة ويقدم في الثرائد وتزيّن به الموائد، تجيدها الخاصة ولا تغلط فيها العامّة.

قال الحجاج لطباخه: اتخذ لنا صفصفاة «3» وأكثر فيجنها «4» ، فلم يدر الطباخ ما عناه، فسأل ابن القرية، فقال: اتخذ سكباجة وأكثر سدابها.

وقال المنصور يوما لحظيّة له: إلى كم نأكل السكباج، يعرّض بها، فقالت: يا أمير المؤمنين هو مخ الأطعمة لا يملّ حارّها ولا يكره باردها، فاستحيا منها.

قال عبد الملك بن محمد بن إسماعيل:

وسكباجة تشفي السقام بطيبها ... على أنّها جاءت بلون سقيم

إذا زارها أيدي الرجال تزاحمت ... كأيدي نساء في ظلال نعيم

وقال بعضهم:

فتنتنا بريحها السكباجة ... فتركنا من أجلها ألف حاجة

وأكل أعرابي القريش، فقيل له: ما أكلت قال: الفالوذج «5» إلا أنكم هضمتموه بعد.

وقال بعضهم:

قدم طاهيك زير باجه ... وهي على الدّهر خير باجه

صبيغة الزعفران تحوي ... أطايب الفرخ والدجاجه

وقدم إلى طفيلي سكباجة بلا زعفران، فقال: ما لها خرجت متفضلة بلا لباس.

الثّريد

قيل لأعرابي: أي الطعام أطيب؟ فقال: ثريدة دكناء من الفلفل رقطاء من الحمص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015