وقال شاعر:
وأخ إن جاءني في حاجة ... كان بالإنجاح منّي واثقا
وإذا ما جئته في مثله ... كان بالردّ بصيرا حاذقا
يعمل الفكرة في ردّي بها ... قبل أن أفرغ منها ناطقا
. كان لسعيد بن خالد قصر بإزاء قصر عبد الملك، فقال له عبد الملك: إن لي إليك حاجة فقال مقضية، قال: إجعل لي قصرك. قال: هو لك، فقال عبد الملك: فلك خمس حاجات مقضية، فقال سعيد: أولها أن ترد عليّ قصري، قال: فعلت فما بعد ذلك، قال:
أنت في حل من الأربع.
وقال رجل لآخر: إن لي إليك حاجة، قال: بشرط، أن تقضي قبلها لي حاجة، فقال لك ذلك، قال: حاجتي أن لا تسألني حاجة، قال: قد فعلت.
سأل أعرابي شيخا من بني أمية وحوله مشايخ، فقال: أصابتنا سنة ولي بضعة عشر بنتا، فقال الشيخ: وددت أن الله ضرب بينكم وبين السماء صفائح حديد، فلا تقطر عليك قطرة، واضعف بناتك أضعافا وجعلك بينهن مقطوع اليد والرجل، ما لهن كاسب سواك، ثم صفر بكلب له فشدّ عليه وقطع ثيابه، فقال السائل: ما أدري ما أقول لك إنك لقبيح المنظر سخيف المخبر فأعضك الله ببظور أمهات من حولك.
ودخل رجل إلى محمد بن عبد الملك، فقال: لي بك سببان، الجوار وسوء الحال، وذلك داع إلى الرحمة، فقال: أما الجوار فبين الحيطان والرحمة من أخلاق الصبيان، اخرج عني. فما مضى عليه أسبوع حتى نكب.
خطب معاوية ذات يوم فقال: إن الله تعالى يقول: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ
«1» فلم نلام نحن؟ فقام إليه الأحنف، فقال: إنا والله ما نلومك على ما في خزائن الله تعالى، ولكن نلومك على ما أنزل الله علينا من خزائنه فأغلقت بابك دونه، فسكت معاوية.
وقال بعض الشعراء:
إذا أعطاك قصّر حين يعطي ... وإن لم يعط قال أبى القضاء
يبخل ربّه سفها وجهلا ... ويعذر نفسه فيما يشاء