وقيل: سرين في خريزة لحاجتين في حاجة. وخيّر رجل بين شيئين فقال: كلاهما وتمرا. وقال بعض الخلفاء لأبي دلامة: سل، فقال: كلبا أصيد به، فقال أعطوه. قال:
ودابّة أركبها إذا خرجت أصطاد، فقال: أعطوه. قال: وغلاما يخرج معي إذا ركبت يمسك كلبي، قال: أعطوه، قال: وجارية تصلح ما أصيده، قال أعطوه، فقال: كلب ودابة وغلام وجارية لا بدّ لهم من دار تأويهم ولا بدّ لهم مما يمونهم، فقال تقطع له ضيعة، فقال: يا أمير المؤمنين أعطني يدك أقبلها، فقال دع هذا، فقال: ما منعت عيالي شيئا أشدّ فقدا عليهم من هذا.
قال شريح: من سأل حاجة فقد عرض نفسه على الرقّ، فإن قضاها المسؤول استعبده بها، وإن ردّه رجع حرا، وهما ذليلان، هذا بذلّ اللؤم وهذا بذل السؤال.
وقال سعيد بن العاص: ما رددت أحدا عن حاجة إلا تبينت العزّ في قفاه والذلّ في وجهي، وقيل: من قضى حاجة سائله اجتمع معه في العزّ وإن حرمه اجتمع معه في الذلّ.
من انتجعك مؤملا فقد أسلفك حسن الظنّ بك. وأدخل ابن السماك رجلا إلى الفضل بن الربيع، فقال: إن هذا بذل لك ماء وجهه فأكرم وجهك عن ردّه.
قال أبو تمام:
ما ماء كفّك إن جادت وإن بخلت ... من ماء وجهي إذا أفنيته عوض
قيل: العجب لمن يشتري العبيد بالأموال ولا يشتري الأحرار بالنّوال والإفضال.
وقيل: ليس للأحرار ثمن إلا الإكرام فأكرمهم تملكهم.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يزهدنّك في المعروف كفر من كفر، فإنه يشكرك عليه من لم تصطنعه إليه.
قيل: لا تلجىء الآمل إلى كدّ المسألة ولا تكلّفه خشوع التضرّع. وسئل خالد بن يزيد: ما الجود؟ قال: أن تعطي من سألك، فقال ابنه: يا أبت هذا هو الكد إنما الجود أن تعطي من سألك ومن لم يسألك.
وقيل لرجل: سل، فقال: إني أكره أن أعطي ثمن السؤال.
وقال محمد بن أبي عمران.