قيل: السؤال وإن قلّ ثمن لكل نوال وإن جلّ.
قال شاعر:
ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله ... عوضا وإن نال الغنى بسؤال «1»
وإذا السّؤال مع النّوال قرنته ... رجح السّؤال وخفّ كلّ نوال
وقال ابن الرومي:
إذا أنا نالتني فواضل مفضل ... فأهلا بها ما لم تكن بهوان
فأما إذا كان الهوان قرينها ... فبعدا لها ما ينقضي لأوان
ومن ذا الذي يلتذّ شهدا بعلقم ... أبت لهواتي ذاك والشفتان
أريد مكانا من كريم يصونني ... وإلّا فلي رزق بكل مكان
وكان يجري على أبي العيناء رزق فتأخّر عنه فتقاضاه مرارا ثم تركه، وقال: لا حاجة لي فيه فهو رقّ لا رزق، وبلاء لا عطاء ومحنة لا منحة.
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: إن الله يبغض من عباده البذي الفاحش السائل الملحف. وفي كتاب الهند: لا يكثرن الرجل على أخيه المسألة، فإن العجل إذا أفرط من مص أمه نطحته ونحّته. وقيل: كل إلحاف شين إلا مسألة رب العالمين.
ودخل علوي على أبي السائب فنظر إلى إبريق، فقال: هبه لي، فقال: لست أستغني عنه، فقال: هب لي هذا الآخر فقال: هو من جهاز أمي أتبرك به، فقال: هب لي تلك المنارة، فقال أبو السائب: صلى الله على المسيح حيث لم يترك على أمته ولدا يؤذيهم.
جلس بعض أصحاب الحديث إلى رجل فقال: تفضّل بقلم، فناوله، قال: وورقة فأعطاه، فقال: قدّم لي المحبرة فأولاه، فقال: يا فتى أتنشط للتزوج فإن أمي فارغة.
من ثقل عليك بنفسه وعمل بسؤاله فولّه إذنا صمّاء وعينا عمياء. من ألحّ في السؤال رزق الحرمان.
قال بشّار:
وليس للملحف مثل الردّ
ووقّع بعض الكبار في قصة ملحّ مكثر للسؤال: دع هذا الضرع يدرّ لغيرك كما درّ لك.