وقيل: ثلاثة أعمال لم تزل في سفلة الناس: الحياكة والحجامة والدباغة. وقال حبيب بن محمد لمالك بن دينار: لو خيرت في الصناعات ما كنت تختار؟ فقال: أكون حدادا فأرى لفح النار لعلّي أتقيها، فقال حبيب: كنت أختار أن أكون حفّارا للقبور.
قال شريك بن عبد الله: خمسة من الكبائر: عمياء مكتحلة، وسوداء مختضبة وخصي له امرأة، ومخنث يؤم قوما، وإعرابي أشقر. ومن العجائب: منجّم أعمى وأطروش صاحب خبر، وعطار أخشم، ومناد أخرس ومؤاجر أصلع، وجندي محفوف الشارب، وكنّاس متعزز وفيج منقرس ولحياني ينتف لحية كوسج، وديدبان أعمش وحجام قليل الفضول، وإمام أمي وكحال أرمد.
وضرب عبد الله بن أبي بكر ملاحا لم يحسن السباحة، وقال: من العجائب ملاح غير سابح.
من تمام آلة القاضي أن يكون لحيانيا، والقاص أن يكون أعمى شيخا بعيد الصوت، والزامر أن يكون أسود، والمغني فاره الدابة برّاق الثوب عظيم الكبر سيء الخلق، والشاعر أن يكون أعرابيا، والداعي إلى الله أن يكون صوفيا. من عمل عمل أبيه كفي نصف المعاش.
دعا حجّام كناسين يكنسان له كنيفا، فقال أحدهما للآخر: أتدري عند من نعمل؟
قال: لا، قال: نعمل عند حجّام، فقال: الحمد لله الذي أعلمنا ذلك قبل أن نشرب من كوزهم أردت والله أن أرمي بكل ما في جوفي. أطلب لي شيئا أشرب به فضرب يده إلى كوز معه في جوف جرّة ينقلون فيها الخرء، فمسحه بيده وناوله فشرب منه.
اجتمع كناسان على كنيف، فقال أحدهما: فيه من الخرء قامة، وقال الآخر: قامة وبسطة، فنزع ثوبه وقفز فيه وغاص ثم أخرج رأسه، وقال: تظنني حائكا.
وقع شرّ بين حجّام وحذّاء، فقال: أنت تمشط وتسرج، وأنا أحذو وأنت تشق بمبضع، وأنا بمخصف فما فضلك عليّ؟
قيل: كان طالوت دباغا فآتاه الله الملك على رغم من كره، وكان داود عليه السلام راعى غنم وآتاه الله الملك والحكمة، وموسى راعيا أجيرا لشعيب عليهما السلام، وعيسى عليه السلام صيّاد سمك وهذا باب يكثر أن يتبع.