قال الله تعالى حكاية عن مريم عليها السلام قالت: يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا
«1» فدل أن تمني ما لا يكون محظورا مباح، وقال تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً
«2» ، وسمع ذلك رجل من الصالحين، فقال: ليت ذلك تم.
قيل لبعض من كان يخطب عملا: ما تصنع؟ قال: أخدم الرجاء حتى ينزل القضاء.
قيل: ليس سرور النفس بالجدة والمقدرة إنما هو بالأماني والآمال. وقيل لحكيم: أي شيء أدوم إمتاعا؟ فقال: الأماني.
وقال رجل من بني الحارث:
منّى إن تكن حقا تكن أحسن المنى ... وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا
أماني من سعد حسانا كأنّما ... سقتك بها سعدى على ظمأ بردا
وقال آخر:
إذا ازدحمت همومي في فؤادي ... طلبت لها المخارج بالتمنّي
وقال آخر:
في المنى راحة وإن علّلتنا ... من هواها ببعض ما لا يكون
قيل: إيّاك والمنى فإنها بضاعة النوكى. الأمل سلطان الشيطان على قلوب الغافلين.
الخذلان مسامرة الأماني والتوفيق رفض التواني.
قال ابن المقفّع: كثرة المنى تخلق العقل وتطرد القناعة وتفسد الحس. وقال أمير المؤمنين كرم الله وجهه: تجنّبوا المنى فإنها تذهب ببهجة ما خوّلتم وتصغر مواهب الله التي رزقتم.
قيل: ثلاث تخلق العقل وفيها دليل على الضعف: سرعة الجواب وطول التمنيّ والإستغراق في الضحك.