ولبعض المتأخرين:

لأملأنّ لسان الشّكر فيك فقد ... أطلقته بفعال ملؤه كرم

من لم يردعه خوفه عن شكر المحسن إليه

بعث المنصور إلى شيخ من بطانة هشام فاستحضره وسأله عن تدبير هشام وأحواله، فأقبل الشيخ يقول: فعل رحمه الله، وقال: يوم كذا رحمه الله، فقال المنصور قبّحك الله أتطأ بساطى وتترحّم على عدوّي، فقال الشيخ: إن نعمة عدوك لقلادة في عنقي لا ينزعها إلّا غاسلي، فقال المنصور: ارجع إلى حديثك فإني أشهد أنك غرس شريف وابن حرة.

ولما قتل مسلمة بن عبد الملك يزيد بن المهلب أمر بأن يحضر الشعراء ليقولوا في ذلك، فلم يألوا أن ذكروه بأقبح ما قدروا عليه ما خلا رجلا من بني دامر فإنه قال: لا أذم رجلا لا أملك ربعا ولا مالا ولا أثاثا إلا منه ولو قطعت إربا إربا، ولقد رثيته بأحسن ما يرثى به رجل، فأنشد أبياتا رائعة فجزاه سليمان خيرا، وقال: إذا اصطنع فليصطنع مثل هذا.

المظهر عجزه عن شكر المنعم عليه

قال أبو الوفاء:

أيادي لا أستطيع كنه صفاتها ... ولو أن أعضائي جميعا تكلّم

وقال بعضهم:

شكري لا يقع من نعمه المتظاهره ... موقع النقطة من الدائره

وقال شاعر:

ولو أنّ لي في كلّ منبت شعرة ... لسانا يبثّ الشكر فيك لقصّرا

وقال آخر:

وأسكتتي نعمى كأنّي مفحم ... ولم أر مثلي مفحما وهو مقول «1»

وقال آخر:

أيادي منهم ليس يبلغها الشّكر

وقال الغسّاني:

أثقلت بالشّكر كلّ عاف ... فراقب الله في الرّقاب «2»

وقال آخر:

ما زلت تحسن ثمّ تحسن عائدا ... وأعود شاكر نعمة فتعود

فتزيدني نعما وأشكر جاهدا ... فكذاك نحن تزيدني وأزيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015