فلما أتوه أخرج حجرا دفعه إلى المدعي، يعني بذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلم وللعاهر الحجر، فقال له الرجل: أنشدك بالله هلّا قضيت بقضائك في زياد. فقال معاوية: قضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم أولى بأن يتبع من قضائي.
دخل ابن مكرم على أبي العيناء مهنئا له بابن ولد له، فوضع عنده حجرا، فلما خرج قيل: لأبي العيناء: فقال: لعن الله هذا أما تعلمون ما عنى، إنما أراد قول النبي صلّى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر. ورأى عنده منجّما فقال ما يصنع هذا، قال إنه يعمل طالع مولد ابني، قال: فسله قبل هل هو ابنك حقيقة.
قال أبو علي البصير:
أتانا أبو العيناء بابن مزور ... سنحكم فيه عادلا غير جائر
نهنّئه في أسبوعه وملاكه ... فإن مات عزّينا سعيد بن ياسر
وله فيه:
لأبي العيناء أولاد ... دهم في النّاس آيه
فأبو القوم سعيد ... وأبو العيناء دايه
وقيل لرجل ولدت امرأة فلان بعد الزفاف بخمسة أشهر، فقال: كان إناؤها ضاربا.
وقيل لآخر مثله، فقال: إنه بنى جدارا على أس غيره. وقال رجل من أولاد زياد لآخر يا ابن الزانية، فقال: لا تسبني بشيء به شرفت «1» .
كان بين يزيد بن معاوية وبين إسحاق بن طلحة بن عبيد الله كلام بين يدي معاوية، فقال يزيد: يا إسحاق إن خيرا لك أن يدخل بنو حرب كلهم الجنة، فقال إسحاق: وأنت والله لخير لك أن يدخل بنو العباس كلهم الجنة، فأنكر يزيد ولم يدر ما عناه، فلما قام إسحاق قال معاوية: أتدري ما عناه إسحاق، قال يزيد: لا، قال: فكيف تشاتم رجلا قبل أن تعلم ما يقال لك وفيك أنه عنى ما زعم الناس أن أبا العباس أبي وكانت هند اتّهمت به وبغيره، ولذلك لما جاءت إلى النبي صلّى الله عليه وسلم تبايعه فتلا عليها الآية، فلما بلغ قوله ولا يزنين، قالت: وهل تزني الحرة؟ فنظر النبي صلّى الله عليه وسلم إلى عمر وتبسم.
وخاصم غيلان رجلا من ولد زياد، فقال له الزيادي يا دعيّ، فأنشد يقول:
بثينة قالت يا جميل أربتنا ... فقلت كلانا يا بثين مريب
فبلغ قولهما ابن عائشة، فقال: والله إن غيلان في التمثل بهذا البيت أشعر من جميل. وشاتم أعرابي ابنه، فقال: لست بابني، فقال الابن: أنا والله أشبه بأبيك ولأنت كنت أغير على أمي من أبيك على أمك.