الأدب أن تستر العداوة إلى وقت الفرصة لئلا يستسلح لذلك. قال أمير المؤمنين علي كرّم الله وجهه: انكى الأشياء لعدوك أن لا تعلمه أنك اتخذته عدوا. وقيل: لا يكونّن سلاحك على عدوك أن تكثر ثلبه وقصبه فإنك تخبر عن حزمه وعجزك، ولكن دامجه حتى تبادره بالكظم وتساتره بالختل. قال التنوخي:
إلق العدّو بوجه لا قطوب به ... يكاد يقطر من ماء البشاشات
فأحزم الناس من يلقى أعاديه ... في جسم حقد وثوب من مودّات
وقيل: إذا لم تجد لشفرتك محزا فلا تضعها في صلابة فتكلها.
قال عبد الملك بن مروان لما قتل عمر والاشدق سكنته ليقلّ منه نفره، فاصول صولة حازم مستمكن. قال حميد الأكاف:
وإني ليلقاني العدوّ مواصلا ... فيحسبني منه أبرّ وأوصلا
أجرّ له ذيلي لأدرك فرصتي ... ويحسبني في جرّ ذيلي مغفّلا
قال المتنبي:
وجاهل مدّه في جهله ضحكي ... حتّى أتته يد فرّاسة وفم
وقال آخر:
أجامل أقواما حياء وقد أرى ... صدورهم باد على مراضها «1»
قال عمرو بن جابر الحنفي:
يكاشرني وأعلم أنّ كلانا ... على ما ساء صاحبه حريص «2»
قال عمرو بن أم عاصم:
كلّ يداجي على البغضاء صاحبه ... ولن أعالنهم إلا كما علنوا»
قال المثقب:
إن شرّ الناس من يكشر لي ... حين ألقاه وإن غبت شتم «4»
قال ابن الرومي:
يبيح لي صفحة السلّامة والسّلم ويخفي في قلبه مرضا «5»