في العفو خير له من أن يخطىء في العقوبة. قال إبراهيم النخعي: لئن أعطّل مائة حد قد ثبتت أحبّ إليّ من أن أقيم حدا قد ثبت.
قال أمير المؤمنين عليّ كرم الله وجهه: إذا قدرت على العدوّ فاجعل العفو شكر قدرتك.
ظفر الإسكندر ببعض الملوك فقال له: ما أصنع بك؟ قال: ما يجمل بالكرام أن يصنعوه إذا ظفروا، فخلّى سبيله ورده إلى مملكته. ولما ظفر أنوشروان ببزرجمهر «1» قال:
الحمد لله الذي أظفرني بك فقال: كافىء من أعطاك ما تحب بما يحب.
قالت عائشة رضي الله عنها: إذا ملكت فاسجح «2» . وقيل: المقدرة تذهب الحفيظة، وقيل ليوسف «3» عليه السلام: بعفوك عن إخوتك عند قدرتك رفع قدرك.
قال معاوية رضي الله عنه: العقوبة الأم حالات ذي القدرة. وقال حكيم: من شفى غيظه لم يجب شكره. وقال: التشفيّ طرف من الجزع فمن رضي أن لا يكون بينه وبين الظالم إلّا ستر رقيق وحجاب ضعيف فلينتصف، وقال شاعر:
متى ترد الشفاء لكلّ غيظ ... تكن ممّا يغيظك في ازدياد
متى لم تتّسع أخلاق قوم ... يضيق بها الفسيح من البلاد
قال شاعر
وأعظم النّاس أحلاما إذا قدروا
وقيل: عفو العزيز أعزّ له وعفو الذليل أذلّ له وقال آخر:
ما أحسن العفو من القادر ... لا سيّما عن غير ذي ناصر
قال أشجع:
يعفو عن الذنب العظي ... م وليس يعجزه انتصاره
صفحا عن الباغي علي ... هـ وقد أحاط به اقتداره «4»