وقال بعض الحكماء: من أوجرك «1» المرّ لتبرأ، أشفق عليك ممّن أوجرك الحلو لتسقم، وقيل: النصيحة أمن الفضيحة.
من لم يقبل رأي أصحابه، وإن حزنوه عاد ضرره عليه، كالمريض الذي يترك ما يصف له الطبيب، ويعمد لما يشتهيه فيهلك.
قال الله تعالى حكاية عن صالح: لقد أبلغتكم رسالات ربّي ونصحت لكم، ولكن لا تحبّون الناصحين.
وقال أبو ساسان:
أمرتك أمرا جازما فعصيتني ... فأصبحت مسلوب العبارة نادما
وقال آخر:
لو كنت تقبل نصحي غير متّهم ... ملأت سمعك من وعظ وإنذار
وقال العرجي:
عرضت نصيحة منّي ليحيى ... فقال غششتني والنّصح مرّ
قال الشاعر:
وما خير نصح قيل لا يتقبّل
وقال الخبزارزي:
إن كان حمدي ضاع في نصحكم ... فإنّ أجري ليس بالضائع
وقيل: أخذ رجل ذئبا فجعل يعظه، ويقول: إياك وأخذ أغنام الناس فيعاقبك الله، والذئب يقول خفّف، واختصر فقدامي قطيع من الغنم لئلا يفوتني. وقال الشاعر:
لددتهم النصيحة أي لدّ ... فمجّوا النصح ثمّ ثنوا وفاؤا «2»
وقال عبد الله بن همام:
ألا ربّ من تغتشه لك ناصح ... ومؤتمن بالغيب غير أمين
وله:
وقد يستغشّ المرء من لا يغشّه ... ويأمن بالغيب امرأ غير ناصح