لأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة. قال: بلى أصغر منها من عظمها. ثلاث يخبلن العقل: الخصومة الدائمة، والدين الفادح والمرأة السليطة «1» .
وقال أبو يوسف: تعلّموا كل علم إلا النجوم، فإنه يكثر الشؤم، والكيمياء فإنه يورث الإفلاس، والجدال في الدين فإنه يورث الزندقة.
من هانت عليه نفسه فلا تأمنن شرّه. قال حكيم: من الذي بلغ جسما فلم يبطر واتبع الهوى فلم يعطب، وجاور النساء فلم يفتتن بهنّ، وطلب إلى اللئام فلم يهن، وواصل الأشرار فلم يندم، وصحب السلطان فدامت سلامته؟
قيل: جماع خير الدنيا والآخرة في ثلاث: أجر وشكر وذكر. فالأجر ثواب الله الذي لا يكون أجمع منه نفعا وأدوم ولا أكرم منزلة، والذكر فوق منزلة الشكر، ودون منزلة الأجر لأن الأجر أشد اشتمالا على جميع الخلق.
يقال إن المنصور أشخص «2» رجلا من الكوفة سعى به أن عنده أموالا لبني أمية فلما مثل «3» بين يدي المنصور، قال: أيها الرجل أخرج لنا من ودائع بني أمية التي عندك؟ فقال:
أوراثهم أنت يا أمير المؤمنين أم وصيّهم؟ قال: لا. قال: فلم أدفع أموالهم إليك؟ قال: إن بني أمية خانوا المسلمين وأنا القائم بأمرهم. قال: عليك بيّنة أن هذا المال من تلك الخيانات، فقد كان للقوم أموال من وجوه شتّى فإن ثبتّ على حكم خرجت منه.
فأطرق ساعة ثم قال: يا ربيع خلّ الرجل. فقال الرجل: ما عندي مال ولكن رأيت الاحتجاج أقرب إلى الخلاص فإن رأى أمير المؤمنين أن يحضر خصمي فلعله يفلجني بالحجة، فإن في مالي سعة فبعث المنصور إلى الساعي فأحضره فقال: يا أمير المؤمنين إن هذا الساعي عبد لي أبق «4» وقد سرق لي مالا فهدّده فاعترف.
العجب ما عدم فيه العادة. ولذلك قيل الدهر أبو العجب لإتيانه بما لم تجر عادة بمشاهدته. وقيل: للنظام أي شيء أعجب؟ قال: الروح وقيل لأبي عصل فقال: السمّ.
وقيل: لسلم الخلال. فقال: النار. وقيل لأبي شمر فقال: الذكر والنسيان. وقيل لبطليموس فقال: تدبير الفلك.
قال ابن الرومي:
وعجيب الزمان غير عجيب