وكتب قيصر إلى الرشيد على سبيل المعاياة: إبعث إليّ بشر الطعام على شرّ الدواب مع شر الناس فبعث إليه جبنا على حمار مع خوزي.
وقيل: اصبر على الذلّ من الحمار. ويضرب المثل به في الصوت، قال الله تعالى:
إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
«1» وقيل لأعرابي: ألا تركب الحمار؟ فقال: إنه عثرة منخرة، تبوع للحجرة. وقيل: الحمار مطية الدجال قال شاعر:
إن الحمار مع الحمار مطيّة ... فإذا خلوت به فبئس الصاحب
وقيل لبعضهم: أي مركوب كلما كان أكبر كان أذلّ لصاحبه؟ فقال: الحمار. وقيل:
لا تركب الحمار فإنه إذا كان سلسا أتعب يديك، وإن كان بليدا أتعب رجليك.
ولقي جحظة بعض أصحابه على حمار فقال: مالك اقتصرت على ركوب حمار، لا يساوي ثمن قضيمه؟ فأنشأ يقول:
لا تنكرنّي على حمار ... يضيع في مثله الشعير
وكيف لا يمتطي حمارا ... من جلّ إخوانه حمير
وقال:
ولا عن رضا كان الحمار مطيّتي ... ولكن من يمشي سيرضى بما ركب
قال الله تعالى في الامتنان به: وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ
«2» ومن فضيلته أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أسهم له سهمين، ولم يجعل لراكبه المسلم إلا سهما. وقال صلّى الله عليه وسلّم: الخيل معقود في نواصيها الخير.
وقال رجل من الأنصار وقد روي لامرئ القيس:
الخير ما طلعت شمس وما غربت ... معلّق بنواصي الخيل معصوب
ويروى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمرغ فرسا له، ثم جعل يمسحه بردائه، فقيل له في ذلك فقال:
بتّ البارحة وجبريل يعاتبني في سياسة الخيل.
وكانت العرب لا تهنأ إلا بثلاث إذا ولد للرجل ذكر قيل له ليهنك الفارس، وإذا نبغ في الحيّ شاعر قيل لوالده ليهنك من يذب «3» عن عرضك، وإذا نتج مهرا قيل له: ليهنك ما تطلب عليه الثأر.