وقال شاعر:
ومن تكن الحجارة أعجبته ... فأيّ أناس بادية ترانا
وقال صلّى الله عليه وسلّم: من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد لها ومن أتى السلطان فتن.
قال النظّام: النار اسم للحر والضياء، وهما جوهران صعادان. والضياء هو الذي يعلو إذا انفرد ولا يعلى. فإذا قيل أحرقت النار وسخنت، فذلك للحرّ لا للضياء.
وقال: النار مكنة في الأشياء كلّها، فإذا أطفئت نار الأتون فوجدنا حرّها ولم نجدها مضيئة فلأن حرّ النار يهيج تلك الحرارات فيظهرها، ولم يكن ثم ضياء فيظهر إذا خالطته النار فهو أشدّ كالصاعقة.
قيل: من أكبر المواعين الماء والنار ثم الكلأ والريح، ومنافعها يطول حصرها ويصعب ذكرها. قال الله تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً
«1» (الآية) .
وهي أعظم ما زجر به عن المعاصي. وقد جعلها الله تعالى من عذاب الآخرة فقد عذب في الدنيا بالغرق والرياح والحاصب، والرجم والمسخ والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ولم يبعث عليهم نارا، وهي ما ركب منه العالم ولا يتعرّى شجر ومدر منها.
وقيل في الإخوان: هم بمنزلة النار قليلها ينفع وكثيرها يضرّ. وكانوا إذا تتابعت عليهم الأزمان وأحوجهم الاستمطار عقدوا في أذناب البقر شسعا «2» فصعدوا بها جبلا وأوقدوها نارا وضجوا بالدعاء.
ونارا كانوا يوقدونها في التحالف وقد ذكرناه في الإيمان ونارا كانوا يوقدونها خلف مسافر لا يريدون رجوعه.
قال شاعر:
وحمة أقوام حملت ولم أكن ... لأوقد نارا خلفهم للتندّم