وقال:
لدوا للموت وابنو للخراب ... فكلّكم يصير إلى التّراب «1»
وبنى أزدشير «2» بناء عظيما فدخله هو ووزيره، فقال: هل فيه عيب؟ قال: عيب عظيم لا يمكنك إصلاحه. لك منه خروج لا دخول بعده، أو دخول لا خروج بعده.
فقال: لقد نغّصته عليّ.
ودخل ابن السائب القاضي على المتّقي وقد بنى داره، فقال له: كيف ترى؟ فقال:
تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنّات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا.
قيل ليزيد بن المهلب: مالك لا تبنى بالبصرة دارا؟ فقال: أنا لا أدخلها إلا أميرا أو أسيرا. فإن كنت أسيرا فالسجن داري، وإن كنت أميرا فدار الإمارة داري.
ومرّ رجل من الخوارج على دار تبني، فقال: من هذا الذي يقيم كفيلا؟ وقيل: كل مال لا ينتقل بانتقالك فهو كفيل. ولما بنى مروان داره قيل لأبي هريرة: كيف ترى؟ فقال:
بناء شديد وأمل بعيد وعيش زهيد.
قيل خلق الله ابن آدم من تراب فهمته في حفر التراب، وخلقت المرأة من ضلع الرجل فهمتها في الرجل. وقيل: ليس في الأرض جواد ولا بخيل ابتاع دارا إلا هدم هذا وبنى هذا وإن قلّ.
ونظر الحسن إلى قصور لبعض المهالبة فقال: يا عجبا رفعوا الطين وركبوا البراذين «3» واتخذوا البساتين وتشبهوا بالدهاقين، فذرهم في غمرتهم حتى حين.
ومر عبد الله بن جعفر بعبد الله بن صفوان فأدخله بساتين اتخذها وقال له: كيف ترى؟ قال: أراك خالفت ما قال لك إبراهيم عليه السلام: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ
«4» ، وأنت قد اتخذتها بساتين.
هجا بعضهم بني عميرة وكان لهم دار شريفة في الدور الشارعة على المسجد فقال:
بنو عمير مجدهم دارهم ... وكلّ قوم لهم مجد