الله تعالى يقول ما عندكم ينفد وما عند الله باق.
عزّى رجل آخر بموت أبيه، فقال: من كنت من بقيته لموفور ومن كنت خلفه لمجبور ومن كنت وليّه لمنصور:
قال المتنبّي:
فإنّك ماء الورد إن ذهب الورد
وقال علي بن الجهم:
فما مات من كنت ابنه لا ولا الذي ... له مثل ما سدى أبوك وما سعى «1»
نعي إلى ابن عباس رضي الله عنهما بنت له وهو في سفر. فقال: عورة سترها الله ومؤنة كفاها الله وأجر ساقه الله. وماتت لعمر بن عبد العزيز بنت فأقبل الناس لتعزيته فأمر بحجبهم وقال: إنّا لا نعزّى في البنات ولا الأخوات.
دخل رجل على حكيم وهو يأكل فقيل له: قد مات ابنك. فقال: قد علمت، ولم يقطع الأكل. فقيل له: ومن أين علمت ذلك؟ قال: من قول الله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ
«2» . وحضر الموبذ عند المأمون بمرو وهو يكالمه إذ وردت عليه خريطة من الحسن فيها أخبار العراق وموت ابن الموبذ، فقال المأمون: أحسن الله لك العوض وعليه الخلف، فأجابه بصالح الأدعية. فعجب المأمون وقال: أتدري ما أردت؟ قال: لا، قال: يقال إن ابنك مات. قال قد علمت ذلك. قال ومن أين علمت ذلك والخريطة الساعة وردت؟ قال:
قد علمت ذلك يوم ولد. وهذا كما سئل أفلاطون فقيل له: ما علّة موت ابنك؟ قال وجوده. وقيل لعمر رضي الله تعالى عنه مثل ذلك، فقال: هذا أمر كنا نتوقعه قبل كونه فلما ورد لم ننكره. وقال شاعر:
وهل جزع مجد عليّ فأجزع
وقال الطّرماح:
ولمّا رأى أنّ الأسى غير دافع ... عن المرء مقدورا من الأمر سلّما
وقال:
هممت بأن لا أطعم الدهر بعدهم ... حياة وكان الصبر أبقى وأكرما