تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر أي الفاعل هو الله لا الدهر. قال الشيخ أبو القاسم الراغب:
ألمّ بهذا المعنى الخوارزمي، فقال:
وكم نكني وكم نهجو الليالي ... وليس بخصمنا إلا القضاء
وقال الناجم:
نعيب زماننا والعيب فينا ... ولو نطق الزمان بنا هجانا
وقال رجل للأصمعي: فسد الزمان، فقال:
إن الجديدين في طول اختلافهما ... لا يفسدان ولكن يفسد الناس «1»
وقال أبو عبد الرحمن الأصم لأبي العتاهية: أي خلق الله أصغر عنده؟ قال: الدنيا لا تساوي عنده جناح بعوضة، قال: أصغر منها محبّها.
لم يفسد الدهر لكنّ أهله فسدوا
وقال المتنبّي:
ألا لا أري الأحداث حمدا ولا ذمّا ... فما بطشها جهلا ولا كفّها حلما
قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: معروف زماننا منكر زمان قد فات ومنكره معروف زمان لم يأت. وسمع زياد امرأة تقول: اللهم أعزل عنا زيادا، فقال لها: زيدي في دعائك وأبدي لنا خيرا منه فإن الأخير أبدا شر.
وقال بعض العلماء: آخر الناس شرارهم الذين تقوم عليهم القيامة.
كانت عائشة رضي الله عنها تنشد قول لبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب «2»
وتقول: رحم الله لبيدا كيف لو عاش إلى زماننا. وكان ابن الزبير ينشده ويقول:
رحم الله عائشة كيف لو عاشت إلى زماننا. وقال بعضهم: كان الناس ورقا بلا شوك، فصاروا شوكا بلا ورق.
وقال شاعر:
لم أبك من زمن شكوت صروفه ... إلّا بكيت عليه حين يزول
وقال:
ننسى أيادي الزمان فينا وما ... نذكر من دهرنا سوى نوبه «3»