وقال آخر:

وما زالت الأيام تستدرج الفتى ... وتملي له من حيث يدري ولا يدري

وقال آخر:

لقد غرّت الدنيا رجالا فأصبحوا ... بمنزلة ما بعدها متحوّل

وقال آخر:

يعللّنا هذا الزمان من الوعد ... ويخدع عمّا في يديه من النّقد

وقال آخر:

فذي الدار أخدع من مومس ... وأخون من كفّة الحابل «1»

وهذا مثل ما قيل: الدنيا قحبة، يوما عند عطار ويوما عند بيطار.

النهي عن الإغترار بأوقاتها

قيل: لا تغتر بصفاء الأوقات، فتحتها غوامض الآفات، وقيل: لا يغرّنك الإملاء فالإملاء من الإستدراج، والله تعالى يقول: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ

«2» .

وقيل: مثل الدنيا مثل الحية ليّن مسّها وفي جوفها السم الناقع، يهوي إليها الصبي الجاهل ويحذرها الحازم العاقل.

وقال شاعر:

إنّ دنياك حيّة تنفث السّ ... مّ وإن كانت المجسّة لانت «3»

وقال أبو عمرو بن العلاء: كنت أدور في ضيعتي في شدّة الحر فسمعت هاتفا يقول:

وإن امرأ أدنياه أكبر همّه ... لمستمسك منها بحبل غرور

فنقشت ذلك على خاتمي.

وقال الشاعر:

يا واثقا بزمانه ... أخطر تصرفه ببالك

ووجد بخط نصر بن أحمد:

ولا تخدعنّك صروف الزمان ... فإن الزمان كثير الخدع «4»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015