ما هذه الثياب الرثّة؟ فقال: أكره أن أقول الزهد فأطرى نفسي أو الفقر فأشكو ربي.
وقال الإسكندر لرجل رث تكلم بفصاحة: ليكن حسن ثيابك كحسن كلامك، فقال:
أما الكلام فأنا قادر عليه وأما الثياب فأنت تقدر عليها. فخلع عليه.
قيل: فلان أعرى من المغزل، وقيل لأعرابي: ما تلبس؟ قال: الليل إذا عسعس «1» والصبح إذا تنفس. قال أبو هفان:
عريان أعرى من فصوص النّرد ... كالسّيف ماض ماله من غمد
وأنشد رجل يحيى بن خالد:
إنّي امرؤ في أعالي بيت مكرمة ... إذا تمزّق ثوبي أرتدي حسبي
فقال يحيى: ما أقل غناء هذا الرداء في الكانونين. وقال الأصمعي: قلت لأعرابي في يوم بارد ألا تصلي، فقال: البرد شديد ومالي كسوة، وأنشد:
فإن يكسني ربّي قميصا وجبّة ... أصلّ واعبده إلى آخر الدهر
وإن لا يكن إلا بقايا عباءة ... مخرّقة مالي على البرد من صبر
قال ابن أبي الصمت:
أرى حلالا تصان على رجال ... وأعراضا تزال ولا تصان
وقال:
فترى خسيس القوم يترك عرضه ... دنسا ويمسح نعله وشراكها
كان ابن أبي داود، مضطرب الطيلسان لا يحسن لبسه، فقال له أبو العلاء المعري:
لئن كنت لا تحسن أن تلبس الطيلسان إنك لتحسن أن تلبس نعمك جماعة الإخوان. وقال آخر وقيل له لا تحسن أن تلبس الثياب، فقال: لكني أحسن أن ألبسها.
وعوتب آخر فقال: من عظمت مؤنته في نفسه قلّ تفقده لأمر غيره، وقيل: من كان شغله بنفسه فقد مكر به. وقيل ما استوت عمامة على رأس كريم قط.
قيل: من راح منك في الثياب تغدو منه في الثناء.
قال البحتري:
وراح في ثنائي ... ورحت في ثيابه