عاش نوح ألف سنة وأربعمائة وخمسين سنة، بعث بعد مائتي سنة ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، بقي بعد الطوفان مائتي سنة وخمسين سنة فلما أتى ملك الموت قال له كيف رأيت الدنيا؟ قال: كدار لها بابان دخلت من هذا وخرجت من هذا.
وعاش لقمان خمسمائة وستين سنة عمر سبعة أنسر كل نسر ثمانون سنة ومنه قيل طال الأمد على لبد.
وعاش المستوغر بن زبيد ثلاثمائة وثلاثين سنة ولما بلغ ثلاثمائة قال:
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وعمرت من بعد السنين مئينا
مائة جزتها بعدها مائتان لي ... ازددت من عدد الشهور سنينا «1»
هل ما بقي إلا كما قد فاتنا ... يوم يمرّ وليلة تحدونا
وعاش معدي كرب الحميري مائتين وخمسين سنة. وعاش عامر بن الظرب ثلاثمائة سنة وكذلك أكثم بن صيفي، وكانا من حكماء العرب. وأدرك أكثم الإسلام واختلف في إسلامه. وعاش قسّ بن ساعدة الأيادي ستمائة سنة، وكان من عقلاء العرب وحكمائهم، وهو أول من أقرّ منهم بالبعث وأول من قال في الخطبة: أما بعد. وعاش دريد بن الصمة دهرا طويلا حتى سقط حاجباه على عينيه ولم يسلم وشهد حنينا.
وعاش عبيد الجرهمي مائة سنة وعشرين سنة وكان معاوية رضي الله عنه حجّ من الشام فقال هل تعرفون أحدا بقي له علم بأيام العرب فنسأله، فقالوا: عبيد وهو على طريقك فدعاه فقال: ممن أنت؟ فانتسب إلى قبيلة، فقال: وهل بقي منهم أحد؟ قال:
نعم أنا قال وكم لك من السنين؟ فقال مائتان وعشرون سنة. فقال: من أين تعلم؟
فقال: أما قال الله تعالى وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصّلناه تفصيلا. فقال: أخبرني عمّا رأيت فقال تمت عليّ سنيهات بلاء وسنيهات رخاء ويوم في أثر يوم وليلة. في أثر ليلة. ومنهم لبيد بن ربيعة وخبره مشهور ومعاذ بن مسلم عاش مائة وخمسين سنة. صحب بني مروان وفيه يقول الشاعر:
قل لمعاذ إذا مررت به ... قد ضجّ من طول عمرك الأبد