وسئل عوف بن أمية السكوتي عن نسج الشعر فقال: إن جددت كذبت، وإن هزلت أضحكت، فأنت بين كذب وإضحاك.

وقيل للبيد: لم لا تقول الشعر؟ فقال: في سورة البقرة وآل عمران شغل عن الشعر:

الكلب والشاعر في منزل ... فليت أنّي لم أكن شاعرا

هل هو إلا باسط كفّه ... يستطعم الوارد والصادرا

وقال: ما أجد آكلا للسحت «1» ، ولا أوضع ولا أطمع وأطبع، وأقلّ نفسا من شاعر متكسب بشعره.

وقال الحسن رضي الله عنه في الفرزدق «2» حين أوعده بالهجاء: هذا الذي جعل إحدى يديه سطحا والأخرى سلحا، فقال: إن أصلحتم سطحي وإلا رميتكم بسلحي. ولما حبس عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحطيئة بسبب الزبرقان ثم عفا عنه، قال: إياك والشعر فأخرج لسانه وقال: ما لأولادي كاسب غيره «3» . قال عمر: فلا تهجهم. فقال: إن لم أهجهم لم يفرقوني «4» فلا يعطوني. قال: فاذهب فبئس الكسب كسبك.

تعظيم الشعر

مرّ الفرزدق بمؤدّب، وكان ينشد عليه صبيّ، قول الشاعر:

وجلا السيول عن الطلول كأنّها ... زبر تجدّ متونها أقلامها «5»

فنزل وسجد فقال المعلم: ما هذا؟ فقال هذه سجدة الأشعار نعرفها كما تعرفون سجدة القرآن.

ولما قدم أبو تمّام على الحسن بن رجاء، فأنشده قصيدته فيه حتى انتهى إلى قوله:

لا تنكري عطل الكريم من الغنى ... فالسيل حرب للمكان العالي «6»

قام قائما، وقال: والله ما سمعتها إلا وأنا قائم، لما تداخله من الأريحية فلما فرغ قال: ما أحسن ما جلوت هذه العروس. فقال أبو تمام: لو أنها من الحور العين لكان قيامك أوفى مهر لها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015