ومن الحجج التي تؤيد قول الفراء وغيره أن الكنى في كلام العرب فاشية جدًّا، فلو كانوا يلزمون «أبو طالب» الواو لكانت هذه لغة قريش على الأقلّ، ولو كانت لغة قريش لوجدناهم يعملون في «أبو لهب» العمل نفسه، ولو كان ذلك كذلك لانبغى:
1. أن يقرأ بها عدد من القراء على الأقلّ لأن القرآن نزل على لسانهم في الغالب، وهذا علم، وحقّ الأعلام أن تُحفظ ولا تغيّر.
2. أن تكون هذه لغة النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولو كانت كذلك لذاعت ولكثرت شواهدها في كلامهم، ولعرفها متقدمو النحاة وأثبتوها ونصَّوا عليها. وهذا لم يثبت، فدلَّ ذلك على أن القول ما قال الفراء، وهو عالم ثقة ضابط عارف برسم المصاحف وهو أقدم أو من أقدم من عرض لهذه المسألة من النحاة.
وقوله مُقدَّم على ابن قتيبة، فابن قتيبة متأخر عنه، وليس علمه في وزن علم الفراء ولا قريبًا منه.
هذا مع أن كلام ابن قتيبة لا يقطع بخلاف قول الفراء لو تأملته، فمن الممكن أنه يحتج بذلك لسبب رسمه بالواو، ولذا قال: «يكتبون» ولم يقل: «ينطقون»، فليُتأمل.
وأما غير هذين فهم غالبًا متأخرون، فلا يعاج (?) كثيرًا بدعاواهم وقد خالفت الأدلة والمعهود من كلام العرب ونصوص النحاة المتقدمين).