قال أبوعبد الله: يعني بذلك: المهلكات.
قال الحافظ رحمه الله: التعبير بالمحقرات، وقع في حديث سهل بن سعد رفعه: ((إيّاكم ومحقّرات الذّنوب، فإنّ مثل محقّرات الذّنوب، كمثل قوم نزلوا في بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود، حتّى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وإنّ محقّرات الذّنوب متى يؤخذ بها صاحبها أهلكتْه)).
أخرجه أحمد بسند صحيح، ونحوه عند أحمد والطبراني من حديث ابن مسعود، وعند النسائي وابن ماجه عن عائشة أنّ النبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((ياعائشة، إيّاك ومحقّرات الذّنوب، فإنّ لها من الله عزّ وجلّ طالبًا)). وصححه ابن حبان. اهـ
ومن الذنوب التي يحتقرها كثير من الناس، ويجهل حكمها آخرون الخضاب بالسواد.
وكنت وأنا بمكة قد رأيت بعض طلبة العلم يخضب بالسواد، فنصحته بترك ذلك فأبى، وقال: أنه ليس بمحرم، وكان من أصحابه رجل من العلماء، فقلت لذلك العالم ينصحه، فقال: إنه ليس بمحرم. بل قال: لا شيء فيه، فقلت له: حديث جابر في "صحيح مسلم" وفيه: ((وجنّبوه السّواد))، فقال: هي مدرجة. فقلت له: فحديث ابن عباس الذي رواه أبوداود، والإمام أحمد، وفيه وعيد شديد. فقال: إنه حديث لا يثبت.
والرجل محدث ولكني لم أقتنع بكلامه ودفعني هذا إلى جمع هذه الرسالة.
ومما دفعني أيضًا إلى جمع هذه الرسالة، أنّ بعض أهل العلم، وهكذا أيضًا بعض الزعماء والمسؤولين، وبعض مشايخ القبائل يخضبون بالسواد، هؤلاء