يقصر ويفطر، وكذلك إذا رجع فكان على أقل من ميل فإنه يتم ليس في سفر يقصر فيه.
قلت: جعل هؤلاء السفر محدودًا في اللغة. قالوا: وأقل ما سمعنا أنه يسمى سفرًا هو الميل، وأولئك جعلوه محدودًا بالشرع، وكلا القولين ضعيف. أما الشارع فلم يحده. وكذلك أهل اللغة لم ينقل أحد عنهم أنّهم قالوا: الفرق بين ما يسمى سفرًا، وما لا يسمى سفرًا هو مسافة محدودة، بل نفس تحديد السفر بالمسافة باطل في الشرع واللغة، ثم لو كان محدودًا بمسافة ميل فإن أريد أن الميل يكون من حدود القرية المختصة به فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخرج أكثر من ميل من محله في الحجاز ولا يقصر ولا يفطر، وإن أراد من المكان المجتمع الذي يشمله اسم مدينة ميلاً فقيل له: فلا حجة لك في خروجه إلى المقابر والغائط، لأن تلك لم تكن خارجًا عن آخر المدينة. ففي الجملة كان يخرج إلى العوالي وإلى أحد، كما كان يخرج إلى المقابر والغائط، وفي ذلك ما هو أبعد من ميل، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه يخرجون من المدينة إلى أكثر من ميل، ويأتون إليها أبعد من ميل، ولا يقصرون، كخروجهم إلى قباء، والعوالي وأحد، ودخولهم للجمعة وغيرهما من هذه الأماكن.
وكان كثير من مساكن المدينة عن مسجده أبعد من ميل، فإن حرم المدينة بريد في بريد، حتى كان الرجلان من أصحابه لبعد المكان يتناوبان الدخول يدخل هذا يومًا، وهذا يومًا، كما كان عمر بن الخطاب وصاحبه الأنصاري يدخل هذا يومًا وهذا يومًا. وقول ابن عمر: لو خرجت ميلاً قصرت الصلاة. هو كقوله: إني لأسافر الساعة من النهار فأقصر. وهذا إما